الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ..
تتنوع مكائد الشيطان.. وتتغير أساليبه بحسب الزمان والمكان..
فهو لا يكلّ ولا يفتر، ليظهر لنا في كل عصر بصورة مختلفة.. وحيلة جديدة ..
الأمر الذي يعكس مدى العداوة بينه وبين بني آدم.. والتي أقسم عليها حين طُرِد من الجنة فقال {فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} ص:82.
فأوقع الناس في الشرك وزين لهم الرذيلة وزرع بينهم العداوة { إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنسَانِ عَدُوًّا مُّبِينًا} الإسراء:٥٣
وظل فترة من الزمن يرهب الناس على أيدي الطغاة وعلى أيدي السحرة والمشعوذين والكهنة.. فنشر الخرافة وعبّدهم للبشر والحجر والشجر والقبر{ إِنَّمَا ذَٰلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } آل عمران:١٧٥
تتنوع مكائد الشيطان.. وتتغير
وفي هذا العصر.. الذي انتشر فيه الوعي والعلم والحضارة والثقافة في البشرية ظهر إبليس بمكيدة جديدة وخطيرة تكاد تنطلي على البشرية.
ألا وهي حيلة تجاهل الناس لوجوده بل وإنكارهم لوجوده !!
هذا الإنكار تعيشه الشعوب الشيوعية الملحدة والغربية العلمانية.. والذين لديهم مشكلة كبرى مع كل الغيبيات.. فلا يؤمنون إلا بكل ما هو محسوس.. فانتشر الإلحاد كردة فعل على الخرافات التي عشعشت فيهم وغيبت عقولهم وجعلتهم يعيشون في عصور الظلام.. غارقين في أوحال الشرك والجهل..
تلك العصور المظلمة التي تسلط عليهم فيها إبليس وعبّدهم للشجر والحجر والبشر والبقر.. في الوقت الذي كانت تعيش فيه الشعوب المسلمة عصورها الذهبية في العلم والمعرفة وكانوا من عباد الله الذين قال فيهم سبحانه { إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ }. الحجر:42
تتنوع مكائد الشيطان.. وتتغير
ولما خبا نور العلم وانتشر الجهل في الشعوب المسلمة.. توجه إبليس إليها بقضه وقضيضه ليستعمرها قبل أن يقع عليها أي استعمار بشري! وأعادها إلى عصور الخرافة والشرك من جديد.. فكانت لقمة سائغة للأعداء..
ولكن من رحمة الله بهذه الأمة أنه يقيض لها من يجدد لها دينها كلما انحرفت عنه..
انتفض العلماء في العقود المتأخرة محذرين من الشرك وتقديس الأضرحة والطغاة، كاشفين أحابيل إبليس وأَتْباعه من أهل الشرك والسحر والدجل والشعوذة.. فأثمرت جهودهم صحوة ووعياً وتوحيداً خالصاً لله وحده.. حتى وصل الناس إلى ما وصلوا إليه ألآن من وعي..
تتنوع مكائد الشيطان.. وتتغير
واليوم تتضاعف المسئولية على كاهل العلماء والدعاة
فإن أمامهم فئتان من ضحايا إبليس:
الصنف الأول : وهم بقايا ضحاياه السابقين الذين لا يزالون غارقين في الشرك والخرافة.
والعجيب في الأمر أن الأنظمة المستبدة ساهمت وبقوة في توطيدها.. ولعل ذلك بسبب علمهم أن من يهاب القبر والحجر والشجر يسهل على الحاكم تعبيده..
كما أنه لا زال هناك أمم ضخمة غارقة في مستنقعات الشرك في أفريقيا وهائمة خلف أذناب البقر في متاهات الهند.
تتنوع مكائد الشيطان.. وتتغير
أما الصنف الثاني: ولعلي أسلط الضوء عليه فيما بقي من حديث، وهم:
صنف المنكرين لكل الغيبيات عموما، وعلى وجه الخصوص إنكار وجود الشيطان أو إنكار أثره في حياة الإنسان ..
وإننا وإن كنا نفسر ردة فعل الغرب المنكر للدين والكافر بالغيب ,بأن ذلك بسبب بغضه للكنيسة التي نشرت الدجل والخرافة واستعبدت الناس(اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله والمسيحَ ابن مريم)التوبة:31
لكن وللأسف أن بعض المفاهيم الغربية القائمة على الإيمان فقط بالمحسوسات، بدأت تتسلل إلى الأمة المسلمة.. مما يشكل خطورة على عقائد الناس.
ساهم في انتشار تلك المفاهيم هو الجهل بحقيقة علاقة الشيطان بالإنسان..
فمن الناس من جعل من الشيطان سبباً في كل مشكلاته الاجتماعية والاقتصادية.. فإن فشل في تجارته فبسبب عين أصابته، وإن تكرر فشله في زواجه قيل مسحور وإن.. وإن..إلخ
فصارت ردة فعل البعض عكسية وأصبحوا ينكرون أي أثر للشيطان في حياة الإنسان..
تتنوع مكائد الشيطان.. وتتغير
إن التمادي في الخوف من العين والسحر والجن هو علامة ضعف الإيمان ويزيد من تسلط الشيطان، وقد قال سبحانه {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا}الجن:6
وبرغم أن الله طمأننا بـ{إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا}النساء:76
إلا أنه أخبرنا أن له سلطاناً ولكن{إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُم بِهِ مُشْرِكُونَ}النحل:100
تتنوع مكائد الشيطان.. وتتغير
فبُعد الإنسان عن الله واقترافه للمعاصي يزيد من تسلط الشيطان عليه.. وهذا الصنف من الناس - من المبالغين في خوفهم- رغم خطورة حالهم إلا أنه من السهل توعيتهم وإعادتهم إلى جادة الطريق.. ويحتاج منا فقط إلى عودة صادقة إلى القرآن المزيل للوساوس والمجلي للحقائق والداحض للشبهات والشافي من كل مرضٍ عقلي أو قلبي أو عضوي { وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ } الإسراء:82